الخبير الأجنبي وتجارب النقاد والفنانيّن السعوديون



لا يتعجب المهتم بالشأن التشكيلي تجارب التشكيلي السعودي الفنية والتنظيرية بترابطها وانسجام بعضها على بعض فيدرك حينما يتعمق أن ثمة تراتب واضح بين المراحل التي مر بها الفنانـ/ـة على مدى مشواره الفني من عصف فكري ولوني تارةً وتارةً آخرى يتكىء على رمزية الفلكلور ويستقي من التراث ونجد ذلك أيضا باستعانة الكتب والنقاد بالفلكلور وأدبيات صحراء العرب لتشبيهاتهم؛ إلا أنه في أحيان منزوية يتجاوزون لعنة الرقيب التقليدي ويقفز على الأعراف بطريق إبداعية تكتنفها الأحجية والدهشة معاً، مما منحها أي اللوحة بُعدٍ فكرياً وجمالية لونية مغايرة عن المؤلوف .

لو أخذنا مجازاً وليس حصراً؛ بعض النماذج لبعض الفنانين السعوديون نجدها وصلت إلى حدٍ ما إلى ما يسمى فلسفة اللون كـ التشكيلي محمد السليم رحمه الله الذي أُدرج ضمن الموسوعة الإيطالية وما حققته تجربته (الآفاقية) من خصوصية خطوط الأفق التي يقف بها كحارس الزمان بين فضاءً رأسي وآخر أفقي بينهما حرفٍ عربي أو انسيابية بيت الشعر .


وتجربة التشكيلي عبدالحليم رضوي رحمه الله اللونية التي اعترف بها نقاد عالميون أنه من الملونين المتميزين الذي دمج التراث السعودي بالمساحات اللونية.


وبما مر به التشكيلي سعد العبيد رحمه الله كأنموذج آخر من نماذج الفن السعودي مبتدع المدرسة الطيفية، من واقع رؤيتي الخاصة للمراحل التي مر بها -بداية عندما
يعزف لنا بالوان اللوحة صوت الصمت، فيُخال أنها كائن بجوف صخور المنفى، يقف بنا على أطلال غيمة ببقايا ناي، ويصمت الزمان إنصاتا، حين ترتقي معزوفته، إلى ألوان الطيف المتناثرة بالمكان، تسبح بنا بين خلجان الأرض تارة وتارة أخرى تكون هي الأرض، والخلجان أطيافها، يأخذ مشاعرنا بين البهجة والفرح، فيبدو كل لون حكاية.. وقصة تنتهي برواية أخرى ولون آخر وبتساؤل آخر...!!

الشاهد هنا والمؤسف أيضا أن السواد الأعظم من تلك النماذج لم يكن لها شأن إلا بعد أن أشاد بإبداعهم الخبير الأجنبي وبالتالي وجدوا قبول واهتمام محلي .

السؤال الذي يجتاحني في هذه اللحظات .. هل ينتظر المشهد التشكيلي السعودي الاعتراف بالفنانـ/ـة السعودي من خارج الوطن حتى تقتنع به المؤسسات المحلية ومن ثم يتبنى إنتاجه التشكيلي والفكري والنقدي؟ أم أن هناك حسابات ومحسوبيات لا نعلم عنها ولا تمت لنا بصلة، أو هو عدم إيمان بالفنانـ/ـة والناقد والمقيم السعودي من حيث التقييم والتقديم؟ وعقدة الخبير الاجنبي ما زالت مهيمنة على اذهان بعض المسؤولين.
🖋️جلال الطالب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العيون بالتشكيل السعودي: نوافذ على الروح والهوية.

اشكالية الخيال : بين المنطق والجنون.

تجليات التفاهة في مرايا العظمة المكسورة