اللوحة ليست متدنية… بل الخيال هو الغائب.
لا توجد لوحة متدنية المستوى؛ ولكن يوجد فنانـ/ـة يجهل مكامن الخيال بقدراته الفنية.
حقيقة.. لا توجد لوحة متدنية المستوى، فالقبح في التشكيل ليس بصريّاً بقدر ما هو خذلانٌ للخيال والفكر، أو بالأحرى انقطاعٌ بين الفنانـ/ـة ومكامن الإشراق الكامن في ذهنه .
في كل سطحٍ مرسوم، وإن بدا باهتاً للوهلة الأولى، ثمة أثر لما لم يُقَال، لما لم يُستكمل بعد، أو لما لم يُكتشف بعد في ذات الفنانـ/ـة.
ليست المشكلة في قلة المهارة، فهذه يمكن استدراكها مع الممارسة؛ بل في جهل الفنانـ/ـة بمفاتيح مخيلته، في تواضع تصوراته عن قدرته على اختراق السطح الأبيض، وتحويله إلى تجسيد للروح والمشاعر .
الفن لا يُقاس بوفرة الألوان أو انسجام التكوينات وحدها؛ بل بقُدرة اللوحة على أن تنقلنا نحو ما لا يُقال، على أن تهز فينا الذائقة الساكنة والدهشة، أو أن تضعنا في مواجهة أنفسنا كحقيقة مطلقة، وعندما يغيب هذا الحس، لا لضعف الفنانـ/ـة، بل لضعف القدرة على ملامسة أيقونة الخيال، فتصبح اللوحة أشبه بمشهدٍ ميت، خالٍ من التوتر، من الدهشة، من الزلة الجمالية التي تصنع من العمل حضوراً فكرياً حيّاً.
لقد رأيت أعمالاً لم تكن مذهلة من حيث التنفيذ، لكنها كانت صادقة في عثراتها، حقيقية في شغفها؛ كما رأيت أعمالاً مشغولة بعناية شديدة، لكنها باردة حدّ الجليد؛ لأن صاحبها لم يكن على صلةٍ بعوالمه الداخلية، ولم يسمع نداءات اللون التي كانت تهمس له داخل روحه.
الشاهد هنا ؛ الفنانـ/ـة الحقيقي لا يخشى من بياض اللوحة، بل يخشى من خواء خياله وفكره فكل لوحة، مهما كانت بسيطة أو مرتجفة، يمكن أن تكون مرآة لعالمٍ مدهش، إذا ما اقترب الفنانـ/ـة من مكامن الدهشة داخله، وسمح لها أن تخرج، كما تُمليه عليه لحظة الصدق والمبدأ مع الفن؛ لا كما يريد أولئك السطحيون ..🚶🏻
تعليقات
إرسال تعليق
اهلا بك